Sunday, September 4, 2016

حول المطالبة بمحاكمة باسم يوسف بعد انتقاده للجيش المصري

رأي القدس

كاريكاتير: حليب أطفال

Link

طرح الإعلامي المصري باسم يوسف على صفحته للتواصل الاجتماعي «فيسبوك» مسألة خطيرة عند مناقشته تدخل المؤسسة العسكرية المصرية في أزمة حليب الأطفال.
اطّلع الجمهور على تدخل الجيش على خطّ الأزمة المذكورة بعد أن نشر المتحدث باسمه بيانا اتهم الشركات المختصة باستيراد عبوات حليب الأطفال باحتكارها لـ«المغالاة في سعرها ما تسبب في زيادة المعاناة على المواطن البسيط» منكراً مشاركة الجيش في تخزينها ومطالباً المواطنين بـ«عدم الانسياق وراء الشائعات والحملة المغرضة التي شنتها شركات استيراد الألبان بهدف التأثير على الرأي العام».
قدّم باسم يوسف أمثلة غرائبية عن طرق تحكّم المؤسسة العسكرية في الشؤون الاقتصادية لمصر وسمّى الأمر صراحة «بزنس الجيش» الذي حوّل ضباط الجيش إلى رجال أعمال.
كما قدّم يوسف مثالاً على هذا «البزنس» بافتتاح الجيش مدرسة خاصة رئيس مجلس إدارتها هو قائد الجيش الثالث الميداني والمسؤول عن مصروفاتها قائد مدفعية الجيش الثالث.
وفي موضوع حليب الأطفال كشف الإعلامي عن وجود تذمّر من احتكار الجيش لـ»بزنس حليب الأطفال» منذ عام وأن ما حصل مؤخراً كان استغلال المستفيدين من هذا «البزنس» للأزمة فوجدوها فرصة تجارية لبيع المخزون لديهم.
وصّف يوسف الإشكاليّة بأن من يقومون بذلك هم «عصابة مسعورة» لجمع المال تستخدم سلاح الجيش لإخضاع البلد لزيادة أرباحهم، وعلى حد قوله فإن هؤلاء «ليسوا جيشا هؤلاء سماسرة على مقاولين على مضاربين على تجار يلبسون زي العسكر ويذهبون إلى أعمالهم لقبض الغلّة» معتبراً أنه حتى المقارنة بالسماسرة والمقاولين لا تصح لأن هؤلاء يدفعون ضرائب غاز وكهرباء وجمارك وتأمينات ورواتب للعمال أما أولئك فلا يفعلون. والأسوأ من ذلك أن هؤلاء لا يشتغلون بأموالهم بل «يغرفون من ميزانية الدولة ويستولون على أراضيها ويشغلون بالسخرة مجندين غلابة» ثم يتبجحون بأن الدولة لا علاقة لها بأموالهم.
ولعلّ أكثر توصيفات الإعلامي خطورة، والتي أثارت عليه المدافعين عن واقع الحال المصري، كانت اعتباره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الوسيط الذي يسهل «البزنس» لرجال الأعمال/الضباط المذكورين مضيفاً أن هكذا جيش سيسهل عليه بيع الأرض وأن يقبض على من يعترض لأنه سيعطّل له أعماله التجارية، انتهاء بوصفه الجيش بالميليشيات المسلحة التي لا يهمها وطن ولا أرض ولا حدود.
الإعلامي أحمد موسى الذي يقدم برنامج «على مسؤوليتي» على فضائية «صدى البلد» انهال بالشتائم الشخصية على باسم يوسف مطالباً بمحاكمته عسكريا قائلاً «كل اللي بيهاجموا القوات المسلحة شواذ وغجر».
وقد سبق لهذا الإعلامي المتخصص في الدفاع عن النظام قبل أيام أن اعتبر السجون المصرية هي «8 نجوم زي سجون أمريكا وأن حازم أبو إسماعيل (المعتقل السياسي الإسلامي السجين) زاد وزنه 100 كيلو خلال الـ3 سنوات التي قضاها في السجن».
يذكر الهجوم الشنيع على باسم يوسف برواية للكاتب المصري بالفرنسية ألبير قصيري يتحدث فيها عن قيام مجموعة من المنافقين للسلطات بمبالغات هائلة في مدحها والتهجم على أعدائها إلى درجة أن هذه السلطات نفسها أحسّت بالخجل والحرج.
غير أن وصف الإعلامي الشهير يوسف للتدهور المريع في علاقة الجيش بالسياسة والاقتصاد المصريين وما نراه من ردود الفعل المبالغة في ركاكتها واحتقارها للمنطق والعقل البشري يجعلاننا نشكّ في أن قادة عسكريين لا يخجلون من احتكار حليب الأطفال وإدارة مدارس خاصة وهم ما زالوا قائمين على أعمالهم «الحربية» قادرون أصلاً على الإحساس بالحرج والخجل.

No comments: